شاهدناعلى شاشات التلفزيون خلال الحرب الهمجية على أهل غزة صورا مأساوية لعشراتالمدنيين المصابين بحروق خطيرة، بسبب قصفهم بقنابل فوسفورية بيضاء،
وغدت مشاهد القنابل الفوسفورية وهي تنهمر على البيوت والمدارس من أكثرالمشاهد فظاعة في التاريخ البشري المعاصر،وهو ما يتناقض مع معاهدة جنيفالدولية التي حظرت استخدام مثل تلك القنابل الفتاكة، وقد أكدت منظماتدولية إنسانية أن إسرائيل استخدمت القنابل الفوسفورية أثناء عدوانهاالوحشي على غزة بناء على مشاهدات عيانية.
وتحرم المواثيق والعهود الدولية القنابل الفوسفورية لأنها من أدوات القتلوالإبادة الجماعية، حيث تحدث في أجساد الضحايا حروقا خطيرة وعميقة ومميتة،ويستطيع الأطباء معرفة الحروق الناتجة عن القنابل الفوسفورية ووصفها بدقةنظرا لتميز تلك الحروق، وقد أكد الأطباء الذين عملوا في مشافي غزة أنهملاحظوا آثار القنابل الفوسفورية البيضاء على أجساد الضحايا من المصابينوالقتلى.
تعد القنابل الفوسفورية من الأسلحة الكيميائية الخطيرة،لأنها قاتلة وإذاقدر للمصاب الحياة تلحق أضرارا كبيرة بالأجهزة الحيوية للجسم كالقلبوالكبد والكليتين والرئتين والقصبات الهوائية.
ويشتعل الفوسفور الأبيض عند تعرضه للهواء بحرارة عالية، ويحدث عند ملامستهلجسم الإنسان حروقا عميقة وخطيرة في الجلد وموتاً كاملاً للأعضاء المصابةويسبب آلاما شديدة لا تطاق، ويزيد من خطورته قدرته العالية على الذوبان فيالدهون والنفاذ السريع إلى داخل جسم المصاب وإكمال تفاعله واحتراقه داخلالجسم.
وعودة إلى تاريخ الحروب نجد أن الايرلنديين استعملوا الفوسفور الأبيض فيالقرن التاسع عشر كمادة سامة وحارقة للقضاء على الأعداء، وفي عام 1916صنعت بريطانيا أول قنبلة فوسفورية، واستخدم هذا السلاح في الحرب العالميةالثانية من قبل القوات الأمريكية لإلحاق الضرر بقوات المحور، ثم استخدمتهأميركا أثناء الحرب الفيتنامية ، واستعملته القوات الإسرائيلية أثناءاجتياح لبنان في عام 1982، كما استعملته في عدوان تموز2006، واستخدمته فيعدوانها الأخير على غزة.
ونعود إلى تاريخ اكتشاف الفوسفور، فنجد أن الألماني هينج براند تمكن منالتعرف على الفوسفور في عام 1669 أثناء بحثه عن حجر الفلاسفة، ثم تمكن شيلمن تحضير الفوسفور من فوسفات الكالسيوم، و أما التسمية فهي مأخوذة مناليونانية القديمة وتعني المادة المحدثة للضوء، لأن الضوء يشع في الظلامبسبب تأكسده السريع.
ولا يوجد الفوسفور منفردا في الطبيعة، ومن أهم خاماته معدن الاباتيتالفلوري، والفوسفوريت، وفوسفات الحديد الثنائي، وتوجد هذه المعادن فيمناطق عديدة من العالم، منها روسيا والمغرب والأردن والولايات المتحدةالأمريكية وقاع المحيط الأطلسي مقابل شواطئ كارولينا.
ويتميز الفوسفور بالعديد من الأشكال أهمها الفوسفور الأبيض والفوسفورالأحمر والفوسفور الأسود، ويتم تحضير الفوسفور الأبيض بتسخين مزيج منالصخور الفوسفاتية والسيليكا والكوك إلى ما يقارب 1300 درجة في فرنكهربائي، ويمرر البخار الناتج عبر الماء، ما يؤدي إلى تكثف الفوسفورالأبيض والذي يميل قليلا إلى الصفرة، ويتسم بليونته ورائحته التي تشبهرائحة الثوم، وهو سام ويشتعل على درجة 34 درجة، كما انه نشط كيميائيا حيثيتفاعل بسرعة مع الأوكسجين والقلويات والمعادن والأحماض.
أما الفوسفور الأحمر فيحضر بتسخين الفوسفور الأبيض إلى 350 درجة، وهو أقلنشاطا من الفوسفور الأبيض وغير سام نسبيا، ولا يتفاعل مع الأوكسجين عنددرجة الحرارة العادية، ويحضر الفوسفور الأسود بالتسخين مع استخدام ضغط عاللمدة تصل إلى ثمانية أيام وبوجود عامل مساعد كالزئبق.
ومن المفارقات أن الفوسفور الطبيعي موجود ضمن تركيبة الأملاح في جسم الإنسان كما يدخل في أجسام الكائنات الحية الحيوانية والنباتية.