السلام عليكم
اسمحولي اخواني الافاضل ان اعرفكم بمدينتي - مدينة السعادة -
وكما
قال في حقها الفنان الحاج ناصر الدين دينيه -رحمه الله-:" لو كانت الجنة
في السماء لكانت فوق مدينة بوسعادة، ولو كانت في الأرض لكانت هي مدينة
بوسعادة "
بوسعادة... عبر التاريخ:
كانت بوسعادة منطقة آهلة
بالسكان منذ عصور ما قبل التاريخ ،يعود تاريخها إلى العهد الإيبيروموريزي
Ibéromaurisien ،أي منذ حوالي ثمانية إلى عشرة آلاف سنة والدليل على ذلك
وجود أثر حيوانات على جدران صخرية بطريق سيدي عامر على بعد بعض الكيلومترات
من المدينة.و لعلنا لا نعرف الكثير عن المدة التي تفصل بين حياة السكان
الذين عاشوا في عصر ما قبل التاريخ وبين سكان الحضنة الذين يشهد التاريخ
بأنهم من أوائل سكان هذه المنطقة.
إلى أن جاء عهد الرومان فأرسلت روما
جيوشها بغية احتلال شمال إفريقيا من بينها منطقة الحضنة التي تعتبر الموقع
الإستراتيجي للطرق و مراكز المراقبة التي تساعدها على الحفاظ على سيطرتها و
قوتها الإمبراطورية، فكانت بوسعادة مستعمرة رومانية تحيط بها بعض المدن
الرومانية من بينها أوزيا Ausia صور الغزلان حاليا و دميدي Dimmidi التي هي
مسعد.
كما شيد الرومان قلعة في بوسعادة عرفت إبان الإحتلال الفرنسي ب‘سم قلعة كافينياك Fort Cavaignac برج الساعة حاليا.
و
توجد على مقربة من أولاد سيدي إبراهيم آثارا رومانية بجبال سالات عرفت
كذلك ببيليار العقيد بان Billard du colonel Pein الذي أقيم ليضمن أمن و
استقرار الإمبراطورية آنذاك .
وما العديد من الأحجار المنحوتة و النقوش
اللاتينية و قطع النقود الرومانية التي تم اكتشافها في ضواحي الواحة إلا
دليل على وجود الرومان حقبا من الزمن على ضفاف وادي بوسعادة.
فبعد
الإمبراطورية الرومانية جاءت البيزنطية التي احتلت شمال الحضنة طيلة قرن أو
يزيد ،غير أن مجيء الإسلام في القرن السابع VII غير الأيديولوجيات و الفكر
آنذاك.
أما في القرن العاشر X صارت بوسعادة بموقعها الإستراتيجي نقطة
إلتقاء العديد من الطرق التجارية ،ثم جاءت الدولة الحمادية في أوائل القرن
الحادي عشر XI ويترأسها حماد الذي أسس مدينةالقلعة -الموجودة ضواحي
المسيلة- و التي أصبحت عاصمة بني حماد و التي أشرقت بنورها على الحضنة و
المكان الذي يسمى "مدينة السعادة " .أما القبائل الرحل القادمة من مصر عن
طريق تونس كانت قد دخلت في نزاع مع الهلاليين في القرن الحاي عشر XI مما
أدى بهم إلى الهروب إلى أعالي جبال سالات و أعالي جبال أولاد نايل .
وفي
أواخر القرن الخامس عشر XV أسس المرابطون الأماكن المقدسة و استمروا في
انتشارهم على المناطق الغربية قادمين من الساقية الحمراء ، فجاء الوليان
الصالحان "سيدي ثامر" و "سيدي سليمان" بالحكمة و التقوى و العلم فشيدا أول
مسجد في بوسعادة سمي بـ:"جامع النخلة".
ويروى أن أحد الوليين الصالحين
جاء مارا ذات صباح في حين أن خادمة نادت كلبتها "سعادة" فسمي المكان و هذا
الموقع المختار بـ: " بوسعادة ".
و بعد مجيء الأتراك أصبحت بوسعادة تحت
وصايتهم تابعة "بالبكوية " الحاكمة بالمدية ، حتى أن جاء الإحتلال الفرنسي
في شهر جويلية 1830 إلى أن وصل إلى بوسعادة و دخلها سنة 1849 بعد تصدي و
مقاومة أهل المدينة دامت 03 سنوات ،فبادر الأمير عبدالقدر بجمع المقاتلين و
الثوار من بوسعادة للتصدي للإحتلال الفرنسي ، فكانت له إتصالات مع شيخ
زاوية الهامل " الشيخ محمد بن بلقاسم " الذي صار فيما بعد صديقا للأمير
عبدالقادر.كما كان لهذه الزاوية الرحمانية دور كبير في مقاومة الإستعمار،
كما كانت تقوم بتعليم القرآن الكريم وتربية النشىء على حفظه و العمل به .
إقلــيم بوسعــادة:
تقع
مدينة بوسعادة على بعد 250 كم جنوب الجزائر العاصمة في نقطة ألتقاء
الإحداثيات الجغرافية 11- 4° على خط الطول الشرقي و 13- 35° على خط العرض
الشمالي ، وترتفع على مستوى البحر بـ :560م .
فهي واحة محاطة بجبال مرتفعات أولاد نايل جنوبا و جبال سالات غربا و تتصل شمالا بمنخفض شط الحضنة و بالكثبان الرملية من الشمال أيضا.
و
تتميز منطقة بوسعادة بمناخها الجاف القليل الأمطار يقدر من 200 - 400 مم
سنويا و أكثر تقدير سجل ببوسعادة كان 500مم سنويا من مياه الأمطار المتدفقة
من أعالي
جبال أولاد نايل التي تغذي واد بوسعادة ،ونقص المياه هذا يفسر صحو الجو طيلة السنة .
كما
تتميز صيفا بالرياح الساخنة الآتية من الجنوب تهب على الواحة و منطقتها
فتجعل الهواء جافا و ساخنا و تقدر درجات الحرارة ببوسعادة صيفا بين: 40 -
42° كما تتميز أيضا ببعض العواصف و الزوابع الرملية .
فهذا المنخ الجاف و
الحار لا يساعد على النمو الوافر للنباتات التي تتمثل في الحلفاء ،
الصعتر،العرعر، الصنوبر و شجر الأرز و البلوط في "جبل امساعد" الواقع جنوب
الواحة الذي يعتبر آخر سلسلة جبال أولاد نايل.
وعلى حافة جبل كردادة الموجود جنوب الواحة نجد واد بوسعادة وواحة النخيل الدائمة الإخضرار.
المزايـــا الطبيعية و السياحية:
لعلنا
نجد عند زيارتنا لبوسعادة أنها تمتاز بمناظرها الطبيعية الجميلة وواحتها
الخلابة من شمالها إلى جنوبها،كما نلاحظ أن رقعة النخيل الشاسعة تتمايز
بوضوح في بيئة الرمال الشقراء.أما جبالها فتزدان في المساء بألوانها
الشقراء و البنفسجية المنبعثة من أشعة الشمس عند الغروب.
فجبل كردادة
يقل علوه عن 1000م ،وجبل فرنان من الجنوب إلى الجنوب الغربي يبلغ علوه
1675م، غير أننا نجد أن جبل امساعد يقدر علوه بـ: 1517م تغطيه غابة خضراء
مساحتها 33.556 هكتار بها نباتات برية مختلفة :كالعرعر،الصنوبر و
الحلفاء...وغيرها.
أما عن واحة النخيل فهي 3000 نخلة مثمرة بألذ و أطيب و أحلى ثمار الصحراء(التمور)
التي فضلها الله تعالى على سائر الثمار التي خلقها..
وتعد بوسعادة أقرب واحة للبحر المتوسط وهذا ما جعلها حقيقة قبلة السواح والفنانين والشعراء و الكتاب.
كما
قال في حقها الفنان الحاج ناصر الدين دينيه -رحمه الله-:" لو كانت الجنة
في السماء لكانت فوق مدينة بوسعادة، ولو كانت في الأرض لكانت هي مدينة
بوسعادة ".وهذا الفنان المستشرق الذي ألهمته بوسعادة فأحبها و استقر بها
منذ سنة 1905 حيث قضى بها بقية حياته أي حتى سنة 1929.
فرسم عنها
الكثير:أطفالها ،نسائها ،شيوخها ويومياتهم ،و رسم لوحات عن مناظرها
الطبيعية الخلابة و الساحرة التي سحرته و سحرت الكثير من أمثاله ، فخلدوا
بوسعادة في أعمالهم الفنية.
و من الفنانين الذين زاروا بوسعادة
نجد:نواري ماكسيم Noiré Maxime ،أوجين جيرارديه Eugène Girardet ،بوان
آرمونPoint Armand ،تيودور شاسيريو Théodor Chassériau ،وإدوار فرشافيلت
Edouard Vershaffelt هذا الفنان البلجيكي الذي تزوج و عاش و استقر في
بوسعادة كذلك.
و الزائر لبوسعادة سيجد فيها إقامة طيبة طيبة أهلها ،كما
تتميز بعدة فنادق نذكر من بينها:فندق الإقامة الطيبة،فندق المنظر الجميل ،و
فندقي كردادة و القائد اللذان يمتازان بشهرة طيبة.
صورة قديمة لمطحنة فريرو الايطالية بواد بوسعادة