السلام عليكم
************
يعرف الاكتئاب بالقاتل البطيء
وكثيرمن الناس يعانون من الشعور بالحزن وضيق الصدر وانخفاض الوزن وقلة الشهيةللطعام ، مما يؤدي إلى قلة الإنتاج والتركيز واحتقار النفس والحياة لدرجةالتفكير في الانتحار أو تمني الموت ، وهذه كلها أعراض لمرض خطير هوالاكتئاب .
قد يصيب الإنسان هذا المرض لأسباب خارجية ، كفقد شيءعزيز سواءً كان شخص أو مال أو منصب أو بسبب تناول بعض الأدوية التي تؤثرعلى الدماغ وتسبب الاكتئاب ، كذلك التوقف عن شرب الكحول والمخدرات والحبوبالمنبهة . وقد يصاب الإنسان به بفعل أسباب داخلية تتمثل في العواملالوراثية ، فيصاب الشخص وراثيا بالاكتئاب نتيجة وجود هذا المرض في أحدأفراد عائلته ، أو بسبب بعض الأمراض مثل نقص هرمونات الغدة الدرقية أولأسباب أخرى وهمية يخترعها بعض الناس فتزيد من همومهم وأحزانهم.
ولقدغاب على كثير من الناس أن الله سبحانه وتعالى جعل في القرآن الكريم والسنةالنبوية شفاءً لكثير من الأمراض ، كما أن هناك أموراً هي بمثابة العلاجالواقي من هذه الأمراض ومنها الاكتئاب ، وأهم هذه الأمور العقيدة وفهممعناها الصحيح واستيعاب جوانبها التي تتمثل في الإيمان بالقضاء والقدر ،فيعلم الإنسان أن ما أصابه أمر مكتوب لابد منه فلا يحزن بل يشعر بالارتياحوالرضا والتسليم لله ، أيضاً الإيمان باليوم الآخر فيعلم أن مصير هذهالدنيا إلى الزوال فليس المهم ما خسره فيها بل الأهم هو ما بعدها من حسابوعقاب فيقوى الإيمان وتشتد العزيمة ويهون وقع المصائب ، كذلك الإيمانبأسماء الله وفهم معاني صفاته والإيمان بها وتطبيقها على ما يحدث للإنسانمن أحداث ، فعندما يتيقن الإنسان بأن الله حكيم وأن ما يصيبه من البلاءإنما هو لحكمة أرادها الله ، فيرضى ويعلم أن الخير فيما يقدره الله سبحانهوتعالى .
وأكثر ما يهون على المسلم من شدة المصائب أنها ابتلاءمن الله ودليل على محبته وأنها سبب لتكفير الذنوب كما أنها سبب في التوجهإلى الله بالدعاء وأنها دليل على قوة الإيمان وفي الصبر عليها الأجرالعظيم ، كما قد يكون في حصول هذه المصيبة خير أراده الله ، فعندما يفهمالمسلم المصائب على هذا النحو تكون أفضل علاج للاكتئاب الحاصل بسببها ، أووقاية من حصوله لمن حلت عليه مصيبة .
وفي تقوى الله وطاعته خيروقاية للاكتئاب ، فقد قال سبحانه وتعالى " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثىوهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم بأحسن ما كانوا يعملون " ، ففيتقوى الله السعادة الحقيقية : سعادة الدنيا والآخرة .
ولا يخفىعلينا أيضاً ما للدعاء والتسبيح من الفضل في الوقاية من الاكتئاب كالدعاءبدعاء النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن " .والأدعية العلاجية كما ورد منها عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّقضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ،أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعلالقرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " ، والتسبيح كدعاء يونسعليه السلام " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " .
كذلكيجب على العاقل تقديم أسوأ الاحتمالات للمصيبة ، فيكتشف أنه كان من الممكنأن يحصل له الأسوأ ، فيخف عنه الهم والحزن ، وكذلك أن ينظر إلى من هم أعظممنه مصيبة فتهون عليه مصيبته ويحمد الله أنه لم يصل إلى حالهم .
وهناكبعض الناس من يسيء النظر إلى حقيقة الدنيا بأمور خيالية لا تتماشى معطبيعة الحياة المتقلبة ، فبمجرد أن يتعرض لأول مصيبة أو خلل في شروطه التيوضعها لحياته المثالية ، يصيبه الحزن والهم ، ولهذا نقول إن النظرة إلىالحياة بواقعية والبعد عن نظرة الكمال في الحياة سبب لراحة البال وتقبلالأمور برضا وتسليم يحمي من الاكتئاب .
كما ينبغي أيضاً تقديمحسن الظن بالآخرين ، فما أن يتعرض بعض الناس لأي موقف من أي شخص حتى يسيءالظن بصاحبه ويذهب إلى تفسير الأمور كما يشاء فيصيبه الضيق والهم ، ولوأنه أحسن الظن به ووجد له المبررات لموقفه لارتاح من هذا الضيق الذي يؤديبصاحبه إلى الاكتئاب . فعلى الإنسان إذا تعرض لإيذاء من الآخرين أنيتجاهلهم ويعلم أنهم لا يضرونه بل يضرون أنفسهم وأن يحتسب الأجر عند اللهسبحانه وتعالى .
وآخر علاج للاكتئاب هو الأمل الذي ينير طريقالحياة ويشرح الصدر ، وليعلم الإنسان أنه كلما اشتدت المصائب وزادت ، كانالفرج من العلي القدير أقرب فقد وعدنا ، سبحانه وتعالى بذلك في قوله : "سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً " .