"لسانالعرب": خَشِيَهُ يخشاهُ خَشْيًا وخِشْيًا وخَشْيَة وخَشَاةً ومَخشاةًومَخشِيَةً وخَشْيَانًا (يائيٌ) خافهُ واتقَّاهُ (لسان العرب، ابن منظور،مادة خشي). والخوف من الله على مراتب، فأدنى مراتبه الخوف الذي هو من شروطالإيمان ومقتضاه، كما في قول الله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران:175).
وأعلى من ذلك مرتبة (الخشيةذات الطابع العلمي) كما في قول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْعِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(فاطر:28). وأعلى من ذلك مرتبة (الهيبة المطبوعةبالمعرفة)، كما في قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ}(آلعمران:30). (بتصرف، عن مقال الخوف والخشية، من "التلال الزمردية نحو حياةالقلب والروح"، لمحمد فتح الله كولن).
ويقول الله تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِوَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواعَنْهُ}(التوبة:100). فهل تجد نفسك من التابعين بإحسان؟ هذا مما يرضي اللهعنك، ويرضيك عن الله.
ويقول الحق سبحانه: {لاَتَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَمَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْأَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَفِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْجَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَاللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّحِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(المجادلة:22). فهلا عرضت نفس على صفاتهؤلاء "القوم"؟. إن الولاء القلبي والعملي هو لشرع الله، لا لأيٍّ كان،حتى وإن كان ذا رحم..! هذا سبيل المؤمنين، وطريق الرضا.
ويوم القيامة يكون صدق المؤمنسبيلا لرضا الله سبحانه عنه، يقول القرآن: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُيَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَاالأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواعَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(المائدة:119).
وهذه يا أخي الكريم بعض آيات ودلائل وأسباب الرضا المتبادل بين الله تعالى وعباده، نسأل الله أن يحققها فينا وأن يرزقنا إياها:
روى وهب بن منبه أن موسى عليهالسلام قال: يا رب أخبرني عن آية رضاك عن عبدك. فأوحى الله تعالى إليه:إذا رأيتني أهيئ عبدي لطاعتي وأصرفه عن معصيتي فذلك آية رضاي. وفي روايةأخرى: إذا رأيت نفسك تحب المساكين، وتبغض الجبارين، فذلك آية رضاي.
وعنأنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة، فيحمده عليها"(رواه مسلم).
وروى مسلم وأحمد ومالك قول النبي صلى الله عليهوسلم: "إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا: يرضى لكم أن تعبدوه، ولاتشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا، وأنتُنَاصِحُوا من وَلاَّهُ الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال،وإضاعة المال".
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: "ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات:رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، إلا كانحقا على الله أن يرضيه يوم القيامة" (رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وقالالترمذي: حسن صحيح).
اللهم إنا ضعفاء فقوِّ برضاك ضعفنا، وخذإلى الخير بنواصينا، واجعل الإسلام منتهى رضانا. وصل وسلم وبارك على جميعالأنبياء والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين.