منتديات الابداع
 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Salamo3lekobsm3
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا Surprised

ادارة المنتدي فجر الرحيل

منتديات الابداع
 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Salamo3lekobsm3
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك شكرا Surprised

ادارة المنتدي فجر الرحيل

منتديات الابداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الابداع

منتديات الابداع لكل العرب تثقيفية تعليمية ترفيهية
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

  بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فجر الرحيل
المدير العــــام
المدير العــــام
فجر الرحيل

ذكر
الحمل التِنِّين
عدد المساهمات : 1460
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
تاريخ التسجيل : 20/03/2010
العمر : 36
المزاج المزاج : رايق

 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Empty
مُساهمةموضوع: بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر     بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Emptyالثلاثاء ديسمبر 07, 2010 1:34 pm

بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر
بقلم: عبد القادر خليفي

وضعية التعليم في الجزائر قبيل مجيء الفرنسيين

لميكن العثمانيون يهتمون في الجزائر بميدان التعليم, فلم تكن لهم وزارةللتعليم، ولا أية مؤسسة مكلفة بهذا القطاع. بل تُرك الميدان مفتوحاللأفراد والجماعات يقيمون ما يشاؤون من مؤسسات دينية أو تعليمية.

وقدقامت بهذا الدور الزوايا والمساجد, التي كان يتعلم بها أبناء الجزائرييناللغة العربية وحفظ القرآن الكريم, إلى جانب علوم أخرى كالعلوم الشرعيةوقواعد اللغة والنحو والسير والأخبار وغير ذلك.

وإلى جانب هاتينالمؤسستين, كانت العائلات تقيم المدارس لأبنائها في القرى والدواوير,وتكلف معلمين بتعليمهم وتوفر لهم كل وسائل عيشهم.

وهكذا كان انتشارالتعليم خلال العهد العثماني انتشارا طيبا، حتى غطى المدينة والقريةوالجبل والصحراء.(1) ويعترف الجنرال "فاليزي" عام 1834م بأن وضعية التعليمفي الجزائر كانت جيدة قبل التواجد الفرنسي, لأن "كل العرب (الجزائريين)تقريبا يعرفون القراءة والكتابة, إذ تنتشر المدارس في أغلبية القرىوالدواوير."(2)

ومما يؤكد المستوى التعليمي الذي كان سائدا فيالجزائر قبل الاحتلال الفرنسي, والذي يعود الفضل فيه إلى الزواياوالأفراد, ما صرح به "ديشي" –المسؤول عن التعليم العمومي في الجزائر- فيقوله: "كانت المدارس بالجزائر والمدن الداخلية, وحتى في أوساط القبائلكثيرة ومجهزة بشكل جيد, وزاخرة بالمخطوطات. ففي مدينة الجزائر هناك مدرسةبكل مسجد, يجري فيها التعليم مجانيا, ويتقاضى أساتذتها أجورهم من وارداتالمسجد, وكان من بين مدرسيها أساتذة لامعون تنجذب إلي دروسـهم عربالقبائل..."(3)

2-الطرق المستعملة لتطبيق السياسة الفرنسية اتبع الفرنسيون أسلوبين في ذلك هما: محاربة اللغة العربية وإنشاء مدارس فرنسية.

محاربة اللغة العربية:

رأىالفرنسيون أن اللغة العربية هي إحدى أبرز مقومات الشخصية الجزائرية, وأنبقاء هذه اللغة، يعني بقاء الشخصية الوطنية للجزائريين, التي تناقضحضارتهم وتعرقل أهدافهم ومشاريعهم, لهذا عملوا للقضاء عليها بمختلف الطرقولتفكيك المجتمع الجزائري وفصله عن ماضيه ليسهل ضمه وابتلاعه.

وكانت الميادين التي خاضتها السلطات الفرنسية للقضاء على اللغة العربية هي ثلاث:
-المدارس
-الصحافة
-الكتب والمخطوطات

- المدارس:

استولى الفرنسيون على بعض البنايات المدرسية، بدعوى استغلالها وفق حاجاتهم, وحولوها إلى مكاتب إدارية مدنية أو عسكرية.
وهناك مدارس اضطرت إلى غلق أبوابها بعد مقتل معلميها في المعارك, أو لهجرتهم إلى مناطق آمنة بعيدة, داخل الوطن أو خارجه.
ذلك أن السلطات الفرنسية كانت تَعتبر المعلم الجزائري خطراً يجب محاربته لأنه الحامل والحافظ للمقومات الشخصية للشعب الجزائري.

لهذاعملت على غلق الكثير من المدارس وطرد معلميها, لتحويل المجتمع الجزائريإلى مجتمع أمي, وسنّت قانونا يمنع تنقل الأشخاص من مكان لآخر بدون رخصة,فكان ذلك عقبة في وجه طلبة العلم الذين يتنقلون بهدف اكتساب العلموالمعرفة في الداخل والخارج. "وباسم سياسة الدمج ثم العلمنة حُددت المدارسالقرآنية بدقة, وروقبت مدارس الزوايا وأغلقت وأزعجت... وتناقص عدد معلميالقرآن-درارين- والمدرسين (الآخرين), ومنذ ذلك الحين تقهقرت معرفة اللغةالعربية الأدبية, إذ كانت لا تكاد تدرس..."(4)

كما مُنع فتحالمدارس العربية وبخاصة منذ صدور قانون 18-10-1892 الذي يقضي بعدم فتح أيةمدرسة إلا برخصة من السلطات الفرنسية, ولكي تُسلم هذه الرخصة تم وضع عدةإجراءات منها:
-الاستعلام عن صاحب الطلب, أي معرفة كل ما يرتبط بحياته وانتماءاته.
-قبول عدد محدود جدا من التلاميذ في هذه المدارس.

وفيسنة 1904 صدر قانون يمنع فتح أية مدرسة لتعليم القرآن إلا برخصة منالسلطات, وإذا ما سمح بفتحها تبعا للشروط السابقة فإنه يمنع عليها تدريستاريخ الجزائر وجغرافيتها(5).

جاء في أحد التقارير الفرنسية (لجنةالقروض الاستثنائية سنة1847): "لقد تركنا المدارس تسقط وشتتناها, لقدأُطفأت الأنوار من حولنا, أي أننا حولنا المجتمع المسـلم إلى مجتمـع أكثرجهلا وبربرية مما كان عليه قبل معرفتنا."(6)

وفي المدن الكبرى منعتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم, أما في الجهات التي لم تمس فيهامدارس القرآن البسيطة, فقد منع عليها فتح أبوابها خلال أوقات عمل المدارسالفرنسية, حتى لا تمنع عنها التلاميذ.

وعندما استولت سلطاتالاحتلال على الأوقاف حَرمت المساجد والمدارس من موردها الأساسي الذي كانيمونها, فتضاءل مردودها, ثم انعدم في جهات كثيرة, إلا في الحالات التيتدخَّل فيها السكان للتكفل بحاجيات المعلم الذي أصبح يتعاقد مع القبيلة أوالدوار فيما يدعى: "مشارط".

- الصحافة:

استطاع بعضالجزائريين أن يحصل على نصيب من التعليم خلال العهد الاستعماري, فقامبعضهم بإصدار صحافة ناطقة بالعربية ذات ميول دينية ووطنية متماشية معمصالح السكان الجزائريين المسلمين. فكان رد السلطات الفرنسية هو متابعةهذه الصحافة بالتضييق أو الغلق تحت ادعاءات وذرائع مختلفة.

- نهب الكتب والمخطوطات الجزائرية:

فيالوقت الذي كان التوسع العسكري على أشده في مختلف جهات الوطن الجزائري،كان الفرنسيون من مدنيين وعسكريين يستولون على ما تحتويه المكتبات العامةوالخاصة في المساجد والزوايا والدور. وقد لقيت مكتبة الأمير المصير نفسهبعد سقوط عاصمته المتنقلة "الزمالة" سنة 1843. وتلت هذه العملية، عملياتنهب وسطو على مختلف المخطوطات في مختلف المجالات. وكان الكثير منالفرنسيين, من صحفيين وعسكريين أو هواة أو غيرهم يتنقلون بين المدن والقرىوفي المؤسسات الثقافية يجمعون هذه الكنوز الثمينة بطريقة أو بأخرىلدراستها أو بيعها لدور الوثائق والمخطوطات في فرنسا نفسها أو غيرها منالبلاد الأوربية.

إنشاء مدارس فرنسية:

عرف الفرنسيون أنتعليم لغتهم لأبناء الجزائريين هو السبيل السهل للسيطرة عليهم, لهذا دعاالكثير من عسكرييهم ومدنييهم إلى الاهتمام بتعليم الأهالي اللغة الفرنسية,ومن أشهر هؤلاء نجد الجنرال بيجو الذي كان يرفع شعار: السيف والمحراثوالقلم, وكان الدوق دومال هو أيضا من المطالبين بهذا, حيث يقول: "إن فتحمدرسة في وسط الأهالي يعد أفضل من فيلق عسكري لتهدئة البلاد."

لهذاقاموا بفتح مدارس لتعليم اللغة الفرنسية بهدف القضاء على ما يسمونهبالتعصب الديني, وغرس الوطنية الفرنسية في أذهان الناشئة, وتسهيل التآلفمع الأوربيين وكسب الأجيال الصاعدة إلى جانبهم ليخدموا مصالحهم بينمواطنيهم.

لم يكن هدفهم نشر التعليم لترقية المجتمع الجزائري, بلكان التعليم بسيطا أوليا, كي لا ينافسهم هؤلاء أو يُعَرِّضوا وجودهمللخطر, "أي أنه كان في حدودٍ ضيقة للغاية, حتى يبقى الجزائريون أسرى الجهلوالأمية, كي يمكن استغلالهم على أوسع نطاق ممكن"(7).

في هذهالمدارس يتعلم الطفل اللغـة الفرنسيـة وقواعدها والتاريخ الفرنسي والحضارةالأوربية فينشـأ محبًا لها, يَعتبر نفـسه جــــزءً منها "Nos ancêtres lesgaulois", ولكن لم يكن يسمح لهؤلاء بإكمال تعليمهم, كما أن الكثير منهمكان يضطر إلى ترك المدرسة بسبب الفقر الذي كانت تعيشه الأسر الجزائرية.وإذا كان التعليم الابتدائي إجباريا على أبناء الأوربيين فإنه ليس كذلكبالنسبة لأبناء الجزائريين.

وقد تم فعلا تكوين فئة من الجزائريين، خدموا في المؤسسات الرسمية الفرنسية كمترجمين وقضاة وكتّاب إداريين بسطاء وغير ذلك.

وفيمنتصف القرن التاسع عشر أنشئت مدارس إسلامية (شرعية), ليس فيها من العربيةإلا القشور, بهدف تكوين طوائف من الموظفين الدينيين في محاولة لمنعالتلاميذ من الذهاب إلى الجامعات الإسلامية في الخارج، كالزيتونةوالقرويين والأزهر, وقد وُضعت هذه المدارس تحت إشراف ضباط عسكريين يخضعونللحاكم العام.

لقد كانت هذه المدارس "وسيلة أخرى لتجنيد الجزائريينإلى جانب الإدارة الفرنسية... ليكونوا مطية في تولي الوظائف القضائيةوالدينية... وقد أثمرت الجهود فأخذ الفرنسيون يعينون, منذ منتصفالخمسينيات, من خريجي المدارس التي أنشئوها."(Cool.

وقد تتبعالمثقفون الفرنسيون أعمال هذه المدارس، ليعرفوا مدى نجاحها في تحقيقالأهداف المسطرة, وانتقد بعض المستشرقين النتائج المحصل عليها, ورأوا أنهقد ارتكبت أخطاء لابد من إعادة النظر فيها, ومراجعة البرامج, وقد تم إصلاحالتعليم فيها عدة مرات ليقوم بالدور المنوط به أحسن قيام.

كمااهتمت الكنيسة بالتعليم في الجزائر منذ سنة 1838 وفتحت مدارس ابتدائية تحتسلطتها, وفي عقد الستينيات وبخاصة بعد كارثة المجاعة التي أصابت الحرثوالنسل, قام الكاردينال "لافيجري" بتأسيس جمعية "الآباء البيض", التيانتشرت في شمالي إفريقيا, تفتح المدارس والمصحات ومراكز التكوين المهنيللتوغل بين السكان, في محاولة لتقريبهم من النصرانية إن لم تستطع تنصيرهمكليا, وقد جذبت إليها أعداداً هامة من الأطفال في المدارس, واهتمت بالبناتفي مراكز التكوين المهني, وقدمت الدواء للمرضى والمشردين والعجزة, تحتستار المساعدة والأعمال الخيرية, بينما كان الهدف تنصير الجزائريين"بالتعليم ذي البرنامج التمسيحي الصريح، أو برنامج لهدم العقيدة والأخلاقالإسلامية, وبث التقديس للأمة الفاتحة، ولحضارتها وثقافتها."(10)

وقداشتركت في هذه الأعمال مدارس المبشرين والمدارس العمومية الأخرى علىالسواء، لتفكيك تماسك الأسرة الجزائرية عن طريق تربية دينية تخالف تعاليمأسرهم المتوارثة.

وقد كان هناك تيار معارض لتعليم الأهالي وبخاصةمن قبل المعمرين في الجزائر وفي فرنسا نفسها. وكان المعمرون أكثر تشددًافي هذا المجال, إذ أنهم كانوا يرون أن تعليم الجزائريين يعني نشر الوعيبينهم ليخرجوا للمطالبة بحقوقهم كمواطنين, فينافسون الأوربيين ويشاركونهمالسلطة والنفوذ.

وبدلا من ذلك طالبوا بتعليم أبناء الفلاحين تعليمافلاحيا "Ecoles Fermes" لخدمة مصالحهم ومصالح المستعمرة, لتكوين يد عاملةمحلية رخيصة لمواجهة اليد العاملة الأوربية، التي تطلب أجورا أعلى, وإبقاءالجزائريين في الأرياف بعيدا عن الحواضر, حتى لا ينافسوا الأوربيين فيالوظائف, إذا ما تابعوا التعليم العادي. )11(

3 -أهداف الفرنسيين من سياستهم التعليمية:
أ-دعوى نشر الحضارة
ب-الإدماج

أ-دعوى نشر الحضارة:

لقدتم رسم سياسة أوربية مشتركة، مؤداها أن الغرب, باعتباره مشروعا حضاريا,عليه أن ينقذ الأمم التي هي دونه تحضرا بمساعدتها على الارتـقاء إلى درجةالمدنية في تجلياتها العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هكذاأدعى الفرنسيون أنهم جاؤوا لنشر الحضارة والتمدن بين أوساط الشعب الجزائريالمتخلف, والذي يعيش حياة جمود وخمول, أي أن فرنسا جاءت إلى هذه البلادوهي تحمل رسالة حضارية "وأنها بهذا العنوان تتحمل مسؤولية التنويروالتحرير والتقدم. وكان مدنيوها وعسكريوها ورجال دينها ومستوطنوها يرددونهذا الشعار آناء الليل وأطراف النهار..."(12)

وعندما جهز الفرنسيونالحملة العسكرية على الجزائر سنة 1830 أفهموا بقية الأوربيين أنهم ذاهبونللقضاء على القرصنة الهمجية, التي هي النقيض للتحضر والتمدن.

وقدوعد الجنرال قائد الحملة الفرنسية الشعب الجزائري بالقضاء على النظامالدكتاتوري التركي, واستبداله بنظام ديموقراطي عادل, يسمح للناس بالدخولإلى عالم أكثر عدلا وتفتحا وتحضرا.

لقد ادعى الفرنسيون أناستعمالهم للتعليم هو من أجل إخراج الأهالي من ظلمات الجهل والبربرية إلىنور العلم والمدنية, وتحبيب الحضارة الغربية لدى الناشئة. وأخَذَ المعلمالفرنسي دور الريادة في هذا المجال, لإبراز مزايا الحضارة الغربية وتوجيهالجيل الجديد للامتثال بالأوربيين، والتنصل من تراثهم الذي ينتمي في نظرهمإلى أمة متعصبة. وقد اتضح للفرنسيين أن التعليم هو السبيل الأول للتآلفمعهم, وبواسطة هذا التعليم يمكن "تكوين عناصر قيادية, تعمل على تثبيتوجودهم والعمل تحت سلطتهم... تقوم مقامهم ليكون الجزائريون أتباعا وعبيداللأسياد, يحترمون الحضارة الأوربية ويتبعونها."(13)

وقد وظفالاستعمار كل إمكانياته، من أجل الإستراتيجية الاستعمارية لإظهار غموضتاريخ الشعب الجزائري، وفقر إسهاماته الحضارية وسلبيتها, وفي المقابل أظهرللمتعلمين قوة الحضارة الأوربية وعظمتها, ووجوب تقليدها والعمل علىمنوالها.

الإدمـاج:

كانت السياسة العامة لفرنسا هي إلحاقالجزائر بفرنسا أرضا وسكانا, تحت شعارات متعددة, منها: أن "البحر الأبيضالمتوسط يقسم فرنسا كما يقسم نهر السين مدينة باريس", أو: "من دانكرك إلىتامنراست". وإذا كان إلحاق الأرض سهلا -وتم بعد الانتصار العسكريميدانيا-فإن دمج المجتمع الجزائري هو العقبة الكأداء.

كان علىالفرنسيين إتباع أساليب مختلفة لتحويل هذا المجتمع ليصبح أوربيا أو ملحقابالأوربي. وكان لابد من اتباع سياسة الفرنسة والتنصير لإذابة الشعبالجزائري في الكيان الفرنسي. فقد جعلت السلطات الفرنسية من اللغة الفرنسيةوسيلة لتحقيق الغزو الفكري والروحي للشعب الجزائري، استكمالا لاحتلالالأرض. وبهذا كانت "الهيمنة الثقافية, وهي أشد ما تكون مكرا وخداعا, لايمكن إلا أن تكون أشد ضررا وأكثر فسادا, وأعمق أثرا من السيطرة السياسيةوالعسكرية:(14)

لقد كان تأسيس المدارس من قبل السلطات الفرنسيةيهدف إلى دمج المجتمع الجزائري المسلم بالمجتمع الفرنسي, والقضاء علىمقدسات الشعب الأساسية، عن طريق نشر اللغة الفرنسية، والقضاء على اللغةالعربية, ذلك ما صرح به أحد الضباط الفرنسيين "روفيغو" في رسالة نشرها"فيرو" في كتابه "المترجمون في الجيش الفرنسي", حيث يقول: "إن إيالةالجزائر لن تكون حقيقة من الممتلكات الفرنسية إلا بعد أن تصبح لغتنا لغةقومية فيها, وحتى تتأقلم فيها الفنون والعلوم التي يقوم عليها مجدبلادنا... والمعجزة التي ينبغي تحقيقها هي إحلال اللغة الفرنسية محل اللغةالعربية تدريجيا, ومتى كانت اللغة الفرنسية لغة السلطة والإدارة فإنها سوفلا تلبث أن تنتشر بين الأهالي, ولا سيما إذا وجدت مدارسنا إقبالا من الجيلالجديد."(15)

وقد كوّن الفرنسيون في هذه المدارس فئة مدجنة، تعملعلى تثبيت وجودهم ونشر سلطتهم بين أوساط الشعب الجزائري, بعد أن فشلوا همفي كسب ثقته مباشرة. وهاهو أحد الفرنسيين Fellman يتساءل عن السبب منإنشاء هذه المدارس من قبل السلطات الفرنسية في الجزائر، ويجيب عن ذلكفيقول: "إن الغاية ليست لتكوين موظفين مختصين... وليس لتكوين مدرسينللتعليم العمومي, كما أنه ليس من أجل تعليم العربية للفرنسيين، ولا من أجلتعليم الفرنسية للعرب, لماذا إذن كل هذه الجهود وهذه العناية؟ إنها من أجلتكوين رجال يكون لهم تأثير على مواطنيهم, يساعدوننا على تحويل المجتمعالعربي وفق متطلبات حضارتنا."(16)

وفي إطار سياسة فرق تسد, ومن أجلالوصول إلى نتائج أسرع, ركز الفرنسيون جهودهم على منطقة القبائل, وظهرتكتابات عديدة منذ السنوات الأولى للاحتلال, مؤداها أن سكان هذه المنطقة همأقرب إلى الأوربيين منهم إلى العرب, وعليه يجب فرنستهم وإعادتهم إلىالنصرانية التي كانت سائدة بينهم خلال العهد الروماني(17).

وفي 12فيفري 1873 اقترح الضابط العسكري قائد دائرة أربعاء ناث إيراثن في تقريرهللحاكم العام دي قيدون De Gueydon مخططا لفرنسة المنطقة, يتضمن إلغاءالمدارس "العربية الفرنسية" نهائيا, وخلق مدارس بلدية فرنسية, واستعمال كلالوسائل لإبعاد تأثير الزوايا، من أجل جعل المنطقة تحت السلطة الكاملةللفرنسيين.)18(

وقد مَنح الحاكم العام هذا كل التسهيلات للكارديناللافيجري، من أجل فتح مدارس حرة في هذه المنطقة. وهكذا أنشأ الآباء البيضمدارس عديدة في المنطقة, ودعا بعض القساوسة الحاكم العام إلى أن تتولىالحكومة العامة نفسها الإشراف على هذه المدارس.

وبعد شد ورد فيمنيتكفل بهذه المدارس, هل هي البلديات أم الحكومة العامة أم الوزارة, صدرمرسوم 9 نوفمبر 1881, الذي قرر إنشاء ثمان مدارس في منطقة القبائل تابعةلوزارة التعليم الفرنسية.)19 (

وقد تخرج فعلا من هذه المدارسالمختلفة جزائريون تِباعا, مختصون في الصحافة والتعليم والترجمة والقضاءوالإمامة وغيرها, أي أن تلك الدراسات لم يكن التعليم بها "تثقيفيا بللتحضير بعض الإداريين والمترجمين في الإدارة الجزائرية قصد التعجيلبالاندمـاج."(20)

لقد كان الإدماج معناه جعل الجزائريين متساوين معالأوربيين في كل المجالات, والتمتع بحق التعليم وتولي الوظائف، بالطرقالتي يخولها القانون الفرنسي أصلا, وأن يكون إقليم الجزائر جزء من الأراضيالفرنسية، منقسم إلى مديريات ومقاطعات، بالتقسيم نفسه الذي تخضع لهالأراضي الفرنسية.

ونظرا لمعارضة المعمرين، وبعض الساسة الفرنسيين,لم تطبق سياسة الدمج الكاملة بين الجزائريين والفرنسيين, بل طبقت عليهمسياسة عنصرية، كان الهدف منها القضاء على العنصر الأهلي، أو طرده نحوالأراضي الفقيرة والصحراوية لأنه منحط ومتخلف.

كما طبقت عليه سياسةسميت بقانون الأهالي الذي صدر بعد اندلاع مقاومة 1871 ووسع مجاله بعداندلاع مقاومة 1881 طبقا لقانون 28/6 الذي أعقبه إنشاء المحاكمالردعيةTribunaux répressives بناء على مرسوم 29-3-1902 وقد أدت السياسةالفرنسية إلى تغيير أسماء بعض المدن والقرى, إلى جانب تسمية الشوارعبأسماء فرنسيين كان لهم البون الكبير في إخضاع الجزائر واحتلالها, كما أنالسجل المدني الذي أنشئ سنة 1882أفضى إلى تزويد الجزائريين بألقاب جديدةلزمتهم آخر الأمر (21).

4 -نتائج هذه السياسة

استطاعتالمدرسة الفرنسية, عن طريق سياستها التعليمية, التي شوهت تاريخ الجزائر,وقدمت التاريخ الفرنسي على أنه التاريخ الوطني, أن تكوّن فئة منالجزائريين انفصلت عن شعبها, وتنكرت لأمتها, واندمجت في الحضارة الأوربية,وتجنست بالجنسية الفرنسية, ودافعت عنها دفاعا مستميتا, وبخاصة منذ مطلعالقرن العشرين.

ورغم هذا فإن هذه الفئة التي دعيت بـ "النخبة" لمتجد مكانها بين الفرنسيين, لأن هؤلاء لم يكونوا ينظرون إليهم كفرنسيينحقيقيين, بل كرعايا أو مواطنين من الدرجة الثانية, ولهذا قام هؤلاءيطالبون بالمساواة, لأنهم كانوا يؤمنون "بالتقارب مع الفرنسيين والاندماجمع الجزائريين, وقد مثل هذا التيار جيل من الشباب منهم: أحمد بن بريهماتومجدوب بن قلفاط وربيع الزناتي وسعيد الفاسي ومحمد صوالح وعباس بن حمانةوأحمد بوضربة وبلقاسم بن تهامي والشريف بن حبيلس ومحمد الصالح بن جلولوفرحات عباس ونحوهم ممن آمنوا بالأبوة الفرنسية."(22)

أما بقيةأفراد الشعب الجزائري وأغلبية أطفاله، فإن فشل الفرنسيين كان واضحا, رغمالجهود التي بذلها المعلمون في مختلف الأوساط، بدعم من ضباط المكاتبالعربية, الذين حاولوا التقرب من السكان، فوزعوا الملابس على التلاميذالفقراء، ووفروا حاجيات المدارس المختلفة, وأعطوا الجوائز للمتفوقين منهم,وأخذوهم إلى المسارح للترويح عن النفس، والتأثير عليهم.

لقد كانتالاستجابة جد هزيلة بين الجزائريين، رغم كل المغريات, ولم يخف أحدالجزائريين تأسفه أمام أحد الموظفين الفرنسيينMasquerdy عن تلك المدارسالتي كانت تعلم سيدي خليل(23) , لأن الجزائريين اعتبروا ذهاب أبنائهم إلىتلك المدارس مسخا لشخصيتهم العربية الإسلامية, وأن ذلك سيؤدي بأبنائهم إلىالمروق عمن حوزة الدين، وامتزاجا بالفرنسيين "الكفار" وبأخلاقهم. كما أنقلة الوسائل المادية للجزائريين، جعلتهم ينقطعون أو لا يلتحقون أصلا بهذهالمدارس من جهة أخرى. ثم إن الفرنسيين أنفسهم لم يكن من أهدافهم أن يحصلالتلميذ الجزائري على تعليم كاف شاف لمستقبله.

وأما الذين التحقوابهذه المدارس فلم ينقطعوا عن متابعة دروس حفظ القرآن في الكتاتيب المنتشرةفي كل مكان، وتحت كل الظروف. حيث كانوا يحاولون التوفيق بين المدرسةالرسمية الفرنسية من جهة، وبين مدرسة تحفيظ القرآن من جهة أخرى, فيذهبونإلى المدرسة القرآنية في الصباح الباكر, ويعودون إلى بيوتهم قبل الساعةالثامنة لتناول فطور الصباح, ثم يتجهون إلى المدرسة الرسمية الفرنسية التييقضون بها طول النهار, وقد يعودون ثانية إلى المدرسة القرآنية مساء. أماأيام العطل المدرسية فيقضونها في مدارس حفظ القرآن.

وقد تحملالجزائريون نتيجة لذلك الإمتاع كل العواقب المتمثلة في الطرد من أراضيهم،أو الخسارة في أموالهم. لقد تقوقعوا واحتضنوا تراثهم المتمثل أساسا فياللغة العربية والدين الإسلامي، وشدوا عليها بالنواجذ, إلى أن بدأت بوادرالنهضة الثقافية تبرز إلى الوجود مع مطلع القرن العشرين, وبرز علماءجزائريون، تزعموا هذه الحركة, وكانوا النواة التي ستتفتح في شكل جمعيةالعلماء المسلمين الجزائريين.

وهكذا لم يستطع الاستعمار الفرنسيالقضاء على الثقافة الوطنية للشعب الجزائري "لأنها لم تكن مجرد بقاياوآثار لبنى ثقافية قديمة شعبية, بل كانت ولا تزال ثقافة عالمة, حية لغةوأدبا ودينا وفكرا, متغلغلة في العقل والشعور, في الفكر والسلوك."(24) لاتني تدافع عن نفسها بكل ما أوتي حاملوها من صبر وجلد، ومن خلال المقاوماتالشعبية المسلحة أولا، ثم الحركة الوطنية لاحقا. وما واكب ذلك من حفاظ علىأهم مقومات الشعب الجزائري وهي اللغة العربية والدين الإسلامي.

الهوامـش:
1-أبو القاسم سعد الله, تاريخ الجزائر الثقافي, ج:1, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر 1985, ص:315.
2-Charles Robert Ageron, Les algériens musulmans et la France, Presses Universitaires de France, Paris, 1968, P 318.
3-عبد الحميد زوزو, نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر المعاصـر(1830-1900), المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1985, ص: 206.
4-شارل روبير أجيرون, تاريخ الجزائر المعاصرة, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1982, ص:106 و107.
5.تركي رابح, الشيخ عبد الحميد بن باديس فلسفته وجهوده في التربية والتعليم, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر 1970, ص: 151.
أنظر:
Charles R. A.. IBID, P 318, selon Tocqueville, Œuvres 6-Complètes, T 3, Paris, P 323.
9-تركي رابح, التعليم القومي والشخصية الجزائرية, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر,1981, ص:98.
10-أبو القاسم سعد الله, تاريخ الجزائر الثقافي, الجزء الثالث, دار الغرب الإسلامي, بيروت 1998, ص: 375.
-كان التلميذ يدرس فيها ثلاث سنوات, وفي سنة 1944 تحولت إلى ثانويات(متوسطة وثانوية), وفي سنة 1951 أطلق عليها اسم: Franco-Musulmans.
11-المرجع نفسه, ص: 375.
12-علال الفاسي, نشاط المبشرين ودوره الاستعماري, محاضرة في ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي, تيزي وزوو 1973.
13-عبد القادر حلوش, الكولون الفرنسيون والتعليم الفلاحي في الجزائر مجلة عصور, العدد 2, ديسمبر 2002.
14. أ. سعد الله, المرجع السابق, ص: 280.
15- عبد القادر حلوش, سياسة فرنسا التعليمية في الجزائر, شركة دار الأمة الجزائر 1999, ص: 64.
16- بوعلام بسايح, الثقافة الإفريقية: طموحات ومتطلبات, مجلة الثقافة العدد96, ديسمبر 1986.
17- إسماعيل العربي, الدراسات العربية في الجزائر, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1986, ص:10 و11.
18- أنظر: -Yvonne Turin, Affrontements Culturels dans L' Algérie Coloniale, ENAL, Alger 1971, P 73.
19-أنظر:-Charles R. A. IBID, P 269 a 27
20-أنظر المرجع نفسه, ص: 332.
21-المرجع نفسه, ص:335.
20-أ. سعد الله, الحركة الوطنية الجزائرية,الجزء: 2, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر, 1983, ص: 63.
21- شارل روبير أجيرون, تاريخ الجزائر المعاصرة, ص: 106.
22-أحمدمريوش, القضايا الوطنية في اهتمامات الأنتلجانسيا الجزائرية ما بين1876-1927, مجلة حولية المؤرخ, العدد الثاني, 2002, عن عادل نويهض معجمأعلام الجزائر, المكتب التجاري للطباعة والنشر لبنان 1971. وكذلك محمد عليدبوز, نهضة الجزائر الحديثة...
23-أنظر: Charles R. A. IBID, P 335.
24-محمد عابد الجابري, إشكالية الفكر العربي المعاصر, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت 1990, ص: 33
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر
Anonymous


 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر     بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Emptyالأربعاء ديسمبر 08, 2010 2:50 pm

شكرااااااااااااااااااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
!KAZANOVA!
تمييز وتواصل
تمييز وتواصل
!KAZANOVA!

ذكر
الثور القرد
عدد المساهمات : 2095
تاريخ الميلاد : 17/05/1992
تاريخ التسجيل : 23/11/2010
العمر : 31
المزاج المزاج : هادئ
 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  B4gold-a29227fa9c

 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر     بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Emptyالأربعاء ديسمبر 08, 2010 3:58 pm

مشكووووووووووووووووووور بارك الله فيك
وجازاك الله خيرااا
وجعلها في ميزاتن حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
zakimansouria
كبار المشرفين
zakimansouria

ذكر
الدلو الخنزير
عدد المساهمات : 1712
تاريخ الميلاد : 12/02/1995
تاريخ التسجيل : 08/11/2010
العمر : 29
المزاج المزاج : عالي

 بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر     بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر  Emptyالسبت ديسمبر 25, 2010 7:00 pm

مشكووووووووووووووووووووووووووووووور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بحث حول السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فن السياسة ...
»  مدينة الجسور المعلقة - قسنطينة - ما اروعكتعتبر من اهم المناطق الساحرة في الجزائر من هي قسنطينة ؟ ـــــــــــــــــــــــ مدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، و من كبريات مدن الجزائر مساحة و تعداد في السكان. تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة
»  المناهج الدراسية لسلكي التعليم الابتدائي منهاج اللغة الفرنسية
» منتدى الادارة المدرسية لكل الاطوار التعليمية
»  كتب ممتازة جدا لتعليم الفرنسية (مفيد لجميع الاعمار)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الابداع  :: منتدى البحوث-
انتقل الى: